12.4.08

إختلال توازن


(1)

وماذا بعد الانتظار يا فارس ......... الأعوام تمر ولا جديد– قالت سعاد
مر الكثير ولم يبقى إلا القليل – قال فارس
في عرض النيل كانا يجلسان سويا وجها لوجه في مركب خشبي صغير ........ اطرق فارس برأسه وشرد بخياله ..... شعرت سعاد بأن كلامها لم يكن هذا وقته وأنها أثقلت كاهله بحديثها هذا و لم تستطع الموازنة بين القول والصمت .... في محاولة منها لإخراجه من همومه رفعت تنورتها البنيه قليلا حتى كشفت عن ساقيها ....... وعندما أطال النظر اليهما عادت إلى وضعها السابق قائلة : نحن هنا
رفع رأسه قائلا بصوت ممزوج برغبة ما : لقد كشفتي لي سرا من الأسرار فلم أحتمل .... فماذا عن يوم الكشف العظيم ؟؟؟


(2)

جلست سعاد بجواره وجلس هو بمواجهة حماته لا يتكلم..... يعلم جيدا أن كلامه ليس يجدي خاصة مع حماته ..... قالت له : أنرتنا يا فارس ..... هذه الجملة بالذات لا تقولها إلا عندما يعقبها واحدا من أحاديثها السوداء هكذا قال بينه وبين نفسه مؤكدا انه حالا سوف يسمع منها مالا يدعو إلى الراحة
- انتهيت من تجهيز فلوس العرس أم لا ؟
- لا
- ماذا تنتظر يا آخى ؟
- تسهيل ربنا
- وهل يرضى ربنا أن تربط ابتنى معك لسنوات ؟ لماذا تظلم معك بنات الناس طالما انك فقير ولا تملك حتى حق النشوق ؟
حاولت سعاد مقاطعتها فنظرت لها نظرة وكأنها تقول إخرسى.... فخرست

(3)

طلب من أمه مطالبة عمه بحقهم في ميراث أبيه حتى يستطيع الزواج من سعاد .... سكتت ولم تتكلم .... هو لا يعلم أنها طالبته بهذا الحق مرارا وتكرارا فأجابها انه قام بصرفه على مأكلهم ومشربهم وتعليم أبنائها بعد وفاة أخيه فداءا لهذا الوطن
(4)

قالت لها أمها أطلبى منه الطلاق فهو فقير ولن تكوني سعيدة معه ودعك من اسطوانات الأفلام العربية القديمة..... سعادتك مع من يمتلك ......... منير ابن خالتك العائد من بلاد النفط فاتحني في موضوع الزواج منك ...... فقط أعطى الكارت الأحمر لفارس
(5)

تركت سعاد يمناها لمنير في سيارته الفارهه يلهو بها كيفما يشاء وسمحت لعينيه بالسباحة في فضاء صدرها الرحب وخرجت من صمتهما قائلة :
تعرف ...أحبني كثيرين ..... ولكنني لم أحب سواك ولم أشعر بالراحة إلا تجاهك
سألها وماذا عن هذا الفارس ؟
ضحكت بصوت عال وهى تجيبه : كاد أن يعبدني وراحت تقص على مسامعه ما كان يفعله هذا العاشق المخبول – أنت – لأجلها .

(6)

قال له صديقه مواسيا : ألم أقل لك من قبل أن النساء أفاعي فقال له وماذا عن عمى الذي أكل حقنا وحرمني من الاقتران بها ؟ فكر قليلا ثم أردف قائلا : هو الأخر.. أفعى !!!!


(7)

أقسمت أمه أنها سوف تزوجه خيرا منها و ( ست ستها ) مهما كلفها الأمر .... في نفس الشارع كان تسكن جارته المطلقة الست جمالات.... تألمت لحاله وتعاطفت مع ظروفه .... كان فارس يعتبرها بمثابة الأخت الكبرى ودوما يبث إليها همومه وشكواه وكان يحلو لها الاستماع أليه وإسداء النصائح ومعرفة أخر أخباره معلله ذلك بقولها :
- أنا أعزك لله في الله ...... أنت مثل أخي الصغير بالضبط.
وعلى حين غرة تحولت المعزة إلى حب ... وتحول الأخ الصغير إلى زوج .... والأخت الكبيرة إلى زوجة.


(8)

قالت الست جمالات بلهجة لا تخلو من سخرية
- صباحية مباركة يا عريس
أطرق بوجهه خجلا.... حاول الهروب من نظراتها وهو ينفض الغطاء
أوعز ذلك إلى أم سعاد التي قامت بربطه وانه سوف يذهب إلى أحد المشايخ ليعمل له حجابا ويفك ربطه.

(9)

بعد تناوله الغداء وتدليك جسده بماء الورد طلبت منه الجلوس في شرفة شقتها المطلة على الجيران ريثما تحضر له الشاي ويتناولاه سويا في جو رومانسي حالم ........... و فجأة ارتفعت أصوات أبواق السيارات ووقفت في الشارع الضيق أمام منزل أم سعاد محملة بالحقائب والكراتين المطبوع عليها صور الأجهزة الكهربائية وعلى مقربة من السيارات وقف منير مرتديا جلبابا ابيض وعباءة سوداء يوزع الابتسامات على الحاضرين ويصافحهم .


(10)

أوف... هذه رابع مرة بلا فائدة
ظهرت الدموع في عين فارس وهو يقول لها:
لا أستطيع أن افعل شيء ..... أي شيء ..... فماذا أفعل ؟؟
كفكفت الست جمالات دموعه قائله : ولا يهمك ...... لا تفعل شيء ولا تعر الموضوع أي انتباه ........ ظل رجل ولا ظل حيطة ..... وأنهت معه الحديث وهى تسحب المنشفة من دولاب غرفتها ذاهبة لأخذ حمام دافىء قائلة : أنا أعزك لله في الله ...... أنت مثل أخي الصغير بالضبط.

هناك تعليقان (2):

عــلاء ســالـــم يقول...

هههههههههههههههههههه
والله وحشتنا قصصك الجامده يافريد

فعلاً القصه واقعيه جداً وخصوصاً شخصية سعاد اللي بقت للأسف هي القاعده وما سواها هن الحالات الشاذة .

خالص تحياتي لقلمك المبدع

أسماء علي يقول...

سعاد الدائمة
والفارس الدائم
وحتى الحماة وهذا المنير
كلها حكايات مكررة إلى حد الملل
الغريب على الرغم أننا نعرف تلك القصة دوما
إلا أننا نتغاضى ونحب
حتى نعيش التجربة بنفس التفاصيل
وكأن الحب قدر
وتلك القصة قدر أيضا
والجديد أنه لا جديد
....